
غزو أوكرانيا.. هل سيعوّض الغاز الجزائري الغاز الروسي في تموين أوروبا؟
في وقت تتّجه فيه الأنظار الدولية إلى مآلات الأزمة الروسية - الأوكرانية، دخلت الجزائر على الخط، باعتبارها أكبر مصدر للغاز الذي يستورده الاتحاد الأوروبي، بعد روسيا والنرويج، الأمر الذي فتح المجال أمام الحديث عن توجهات الجزائر بين أوروبا أو روسيا في حال اشتعال معركة "طاقة" في المنطقة.
وتستورد أوروبا من روسيا حوالي 40 بالمئة من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل 175 مليار متر مكعب.
فيما تصدر روسيا غازها إلى القارة بشكل رئيس عبر خط أنابيب يامال - أوروبا، الذي يمر عبر بيلاروسيا وبولندا، وخطوط أنابيب نورد ستريم (تيار الشمال) الذي يوصل الغاز الروسي إلى منطقة بحر البلطيق عبر أوكرانيا.
ويثير الغزو الروسي المحتمل لأوكرانيا، والعقوبات الأوروبية ضد الغاز الروسي، واحتمال إيقاف روسيا تدفق الغاز إلى أوروبا، مخاوف جديدة حول أمن الطاقة في القارة العجوز في وقت تشهد فيه المنطقة أزمة حادة في مجال الطاقة.
وتعتبر الجزائر ثاني مورد للغاز إلى ايطاليا بعد روسيا بنسب تصل في بعض السنوات 30 بالمئة، والأول إلى إسبانيا بحصة من السوق تقارب 50 بالمئة والبرتغال كذلك، فضلا عن إمدادات من الغاز المسال إلى فرنسا واليونان وتركيا.
وأنتجت الجزائر نحو 130 مليار متر مكعب من الغاز السنة الماضية، صدرت منها ما يفوق 45 مليار متر مكعب.
وفي السياق، يرى رئيس تنفيذي أسبق لشركة سوناطراك الحكومية للمحروقات في حديث لوكالة "الأناضول" أن الجزائر لا يمكنها تعويض الغاز الروسي لسبب بسيط، وهو فارق الإنتاج بين البلدين.
وأوضح الرئيس التنفيذي الأسبق لسوناطراك الذي فضل عدم ذكر هويته، أن الجزائر تصدر في أحسن الأحوال ما بين 20 إلى 30 مليار متر مكعب إلى ايطاليا، ونحو 12 مليار إلى البرتغال واسبانيا، وكميات أخرى أقل نحو فرنسا وتركيا واليونان ودول أخرى.
وعلق بالقول: "كميات الغاز التي تصدرها الجزائر سنويا إلى أوروبا تفوق 42 مليار متر مكعب، بينما بإمكان أنبوب روسي واحد أن يضخ هذه الكميات".
وأضاف: "بكل صراحة وموضوعية، لا يوجد حاليا بلد بإمكانه مواجهة الإنتاج الروسي من الغاز.. هناك محاولات أوربية لتقليل التبعية للغاز الروسي، من خلال مصادر أخرى على غرار الجزائر وقطر والولايات المتحدة".
من جهته، رد الخبير والمحلل السياسي حسين بوقارة في تصريح لذات الوكالة الاخبارية التركية، على سؤال إن كانت الجزائر ستخاطر بعلاقاتها مع روسيا لتعويض أي نقص في إمدادات الغاز لأوروبا، بالتأكيد على تعامل بلاده كان دوما اقتصاديا وبراغماتيا ولطالما وضعت الحسابات السياسية جانبا.
وأوضح حسين بوقارة الذي شغل سابقا أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر، أن الجزائر لا يمكنها تعويض الغاز الروسي من منطلق أن الإنتاج لا يكفي لتغطية الإمدادات الروسية.
واعتبر أن الأنابيب الروسية التي تزود أوروبا بالغاز، تتمتع بطاقة نقل أكبر من الحقول الروسية التي لها إنتاج كبير مقارنة بما تنتجه الجزائر.
واستبعد المحلل حسين بوقارة وصول الأزمة بين الغرب وروسيا حد المواجهة العسكرية، وبذلك استحالة قطع الإمدادات الروسية عن أوروبا، بالنظر لكون أوروبا تدرك التبعات الوخيمة لمواجهة مسلحة مع موسكو على العالم ككل.